رؤيتي

متعلم بلا وظيفة.. حصاد مؤلم بعد سنوات من الكفاح

بقلم: عمر علي فؤاد

في مشهد يتكرر كل يوم، تبدأ الحكاية بطفل بريء لم يتجاوز الخامسة من عمره، يدفعه والده إلى أبواب روضة الأطفال، ممسكًا بيده، وحاملاً في قلبه أملًا كبيرًا بأن يصبح هذا الطفل يومًا ما “رجلًا ناجحًا”. يعمل الأب ليل نهار، وتُكرّس الأم وقتها وجهدها لتجهيزه ومتابعته. حلم الأسرة بسيط: أن يرى الوالدان ثمرة تعبهم في صورة شاب متعلم يحمل شهادة جامعية تفتح له أبواب العمل والاستقرار.

يمضي الطفل في طريق التعليم، من الروضة إلى الابتدائية ثم الإعدادية، فالثانوية العامة، حيث السهر والتعب والضغط النفسي. ومع كل سنة تمر، يزداد الأمل، ويكبر الحلم. وحين يُوفق الشاب في دخول إحدى كليات القمة، تحتفل الأسرة بنجاحه وتتوّج رحلة طويلة من التضحية والعطاء.

ثمانية عشر عامًا من التعليم المتواصل، تتنقل فيها الأسرة بين معاناة المصاريف، والضغوط النفسية، والانتظار الطويل لمستقبل أفضل. لكن، ما إن ينهي الابن دراسته الجامعية، حتى يصطدم بالواقع القاسي: لا وظائف!

يطرق الشاب أبواب القطاعات الحكومية، فلا يُفتح له باب. يبحث في القطاع الخاص، فلا يجد مكانًا. سنوات من الكفاح تُقابل بسوق عمل مغلق، ومؤسسات مشبعة، وشروط تعجيزية.

شاب تجاوز الخامسة والعشرين، بلا عمل، بلا دخل، بلا قدرة على الزواج أو حتى علاج والدته المريضة. وفي لحظة يأس، قد يفكر بعضهم في الانتحار، إذ يغيب الأمل، وتنعدم الخيارات.

فمن المسؤول؟
هل هو الشاب الذي اجتهد؟
أم الوالدان اللذان زرعا ولم يحصدا؟
أم منظومة تعليمية لا تواكب سوق العمل؟
أم حكومة عاجزة عن توفير أبسط حقوق شبابها؟

نحن أمام أزمة حقيقية، لم تعد فردية، بل باتت عامة ومتفشية. إنها أزمة جيل ضاع بين أوراق الامتحانات وشهادات بلا قيمة. جيل كبر قبل أوانه، وشاب قبل أن يحقق أحلامه.

أين نذهب من هنا؟
هل نبقى نزرع بلا حصاد؟
أم نبدأ في طرح حلول جذرية تنقذ ما تبقى من الأمل؟

إنه نداء لكل مسؤول: شباب هذا الوطن يستحقون حياة أفضل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى