رؤيتي

ضياع الشباب والفتيات في دوامة “تيك توك”: بين الشهرة والانحدار الأخلاقي

بقلم: عمر علي فؤاد

في السنوات الأخيرة، غزت وسائل التواصل الاجتماعي حياتنا بشكل غير مسبوق، وأصبح تأثيرها يمتد إلى جميع الفئات العمرية والمجتمعية. ومن بين هذه المنصات، برز تطبيق “تيك توك” كواحد من أكثر التطبيقات شعبية وانتشارًا، حيث يتيح للمستخدمين إنشاء مقاطع فيديو قصيرة تتراوح مدتها بين 15 ثانية و3 دقائق، مع إمكانية استخدام أدوات تحرير متقدمة، وفلاتر، وتأثيرات بصرية، ومكتبة واسعة من المقاطع الصوتية والموسيقية.

حيث تحول تيك توك من وسيلة ترفيهية إلى منصة استغلال

على الرغم من أن الهدف الأساسي لهذا التطبيق هو الترفيه والتعبير عن الإبداع، فإن استخدامه في مجتمعاتنا انحرف عن المسار الصحيح. فقد بات كثير من الشباب والفتيات يلجأون إلى تصوير مقاطع غير لائقة دينيًا وأخلاقيًا، بحثًا عن الشهرة والمال، دون الاكتراث بالعواقب الوخيمة لهذا التصرف. أصبحنا نشاهد محتوى يخدش الحياء العام، حيث يظهر البعض مع أزواجهم أو زملائهم في مشاهد لا تليق بالمجتمع العربي المحافظ، مما يساهم في تدهور القيم والأخلاق.
يقوم الأشخاص بالبحث عن الشهرة بأي ثمن

لم يعد الهدف من الظهور على وسائل التواصل الاجتماعي تقديم محتوى هادف أو بناء، بل أصبح السعي وراء الشهرة السريعة هو المحرك الأساسي لكثير من المستخدمين، حتى لو كان ذلك على حساب المبادئ والقيم. وقد أدى ذلك إلى انتشار ثقافة “الترند”، حيث يسعى المستخدمون جاهدين لتحقيق نسب مشاهدة عالية بأي وسيلة كانت، ولو تطلب الأمر تقديم محتوى مبتذل أو مخالف للأخلاق.
إن خطورة هذا النوع من المحتوى لا تقتصر على من يقوم بإنشائه فقط، بل تمتد إلى المشاهدين، خاصة فئة المراهقين الذين يعتبرون هؤلاء “المؤثرين” قدوة لهم. وهذا يؤدي إلى تطبيع السلوكيات غير اللائقة وجعلها أمرًا عاديًا بل ومحبذًا لدى الأجيال الصاعدة. كما أن الانشغال بهذه المنصات بشكل مفرط يؤثر سلبًا على التحصيل الدراسي، والعلاقات الاجتماعية، والصحة النفسية للشباب.
واري أن وسائل التواصل الاجتماعي، بما فيها “تيك توك”، ليست شرًا مطلقًا، لكنها تصبح خطيرة عندما تُستغل بطريقة خاطئة. علينا جميعًا، أفرادًا ومؤسسات، أن نعمل على توجيه الشباب نحو الاستخدام الإيجابي لهذه المنصات، والاستفادة منها في نشر الوعي والثقافة بدلاً من الانجراف نحو محتويات تسيء إلى أخلاقنا وقيمنا. فالمسؤولية تقع على عاتق الجميع في الحفاظ على أخلاق الأجيال القادمة، وضمان مستقبلٍ أفضل لمجتمعاتنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى