رؤيتي

التكنولوجيا والإنسان: شراكة أم عبودية؟

بقلم: عمر علي فؤاد

في عصر تتسارع فيه وتيرة التقدم التكنولوجي، أصبحت العلاقة بين الإنسان والآلة أكثر تعقيدًا وتشابكًا. لم تعد التكنولوجيا مجرّد أدوات مساعدة، بل تحولت إلى عنصر حيوي يتحكّم في تفاصيل حياتنا اليومية، من الاستيقاظ على صوت منبّه الهاتف الذكي، إلى تتبّع حالتنا الصحية، وحتى تحديد ما نقرأ ونشاهد ونأكل.

قد يظن البعض أن هذا التقدّم هو منحة لا تضاهى، وأن التكنولوجيا قد جعلت العالم “قرية صغيرة”، ولكنّ الواقع يكشف وجهًا آخر لهذه الحداثة المبهرة. فالإفراط في الاعتماد على الأجهزة الذكية، مثلًا، قد أدى إلى تراجع في قدرات الإنسان الذهنية والاجتماعية، وزيادة ملحوظة في مشاعر العزلة والاكتئاب، خصوصًا بين فئة الشباب.

ولعلّ الأخطر من ذلك، هو سيطرة الشركات التكنولوجية العملاقة على كمٍّ هائل من بيانات المستخدمين، مما يجعل الفرد عرضة للتوجيه والتأثير دون أن يدري. فهل ما زال الإنسان يتحكّم في التكنولوجيا؟ أم أننا أصبحنا عبيدًا طوعيين في معبد الذكاء الاصطناعي والخوارزميات الذكية؟

المطلوب اليوم ليس رفض التكنولوجيا أو معاداتها، بل إعادة النظر في كيفية استخدامها، ووضع ضوابط أخلاقية وقانونية تضمن بقاء الإنسان في موضع السيادة، لا التبعية.

إنّ شراكتنا مع التكنولوجيا يجب أن تكون متوازنة، قائمة على الفهم العميق والوعي بالمخاطر، حتى لا نجد أنفسنا يومًا ما أمام شاشة نبحث فيها عن معنى إنسانيتنا التي ضاعت بين الأسلاك والبرمجيات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى