عصر الأنثربوسين ما بين التهديد بالفناء والأمل في البقاء
بقلم: دكتور محمد توفيق عميد كلية الآداب بجامعة سوهاج

بداية لابد ان نعي ونعلم ان الأرض ومحيطها الحيوي تعيش منذ فترة في رحاب عصر يعرف بعصر” الأنثربوسين” وهو احدث عصر فى تاريخ عمر الأرض الطويل، وما يميز هذا العصر عن بقية العصور الأخرى انه عصر الانسان بامتياز لكون بصماته وتأثيراته على الأرض ومحيطها الحيوي أصبحت واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار؛ ومن هنا جاءت التسمية “الأنثربوسين ” التي تعني حرفيا عصر الانسان أو عصر البشر.
وعن عصر الأنثربوسين فهو ياتي في الترتيب بعد عصر الهولوسين(عصر ظهور الانسان ) ؛ ويؤرخ البعض لبدايته بداية الأنثربوسين مع بداية الزراعة بينما يرجئ البعض هذه البداية لتكون مع بداية الثورة الصناعية ، وقد تجلت معالم هذا العصر ومظاهره بوضوح بعد الثورة الصناعية ومازالت .
ومن بين اهم مظاهر هذا العصر وسماته السلبية ؛ التلوث والتغير المناخي والتصحر والنمو السكاني والعمراني وانتشار الأمراض الوبائية والفيضانات وحموضة البحار وفقد التنوع الإحيائي وغيرها .
وثمة اعتقاد أيضا بأن مشاكل العصر الحالي وحجم التأثير البشري الناتج خلاله ستتفاقم بشدة بحلول منتصف القرن، وتحديدا حين يصل تعداد سكان العالم إلى أكثر من تسعة بلايين نسمة، ومايترتب على ذلك من تزايد مقدار الضغوط الواقعة على موارد المياه ومصادر الغذاء وبقية المقدرات والنظم المتاحة لكوكبنا.
واذا كانت اعمار العصور الجيوليوجية طويلة جدا لبطء تغير ظروفها ومعطياتها البيئية ، وان الانتقال من عصر الي عصر يحتاج الى ملايين الأعوام –فأن اعمار العصور الجديدة لن تكون كذلك في مستقبل عمر الأرض لسرعة وتيرة التغيرات خلالها.
وعليه فان عصر الأنثربوسين الذي بدأ منذ نصف القرن الثامن عشر وحتي الآن قد لا يستمر كثيرا ليولد عصر جديد …لكون استمراره بهذه الكيفية(عصر الأنثربوسين ) يعني زوال الحياة من على هذا الكوكب وفنائها .
ولنا الا نندهش من هذا التوقع – توقع الفناء والزوال من على سطح الأرض خلال هذا العصر ، لأنه من خلال نظرة طويلة ومراجعة دقيقة للتاريخ الجيولوجي نتذكر ونعلم ان كائنات حية حدث لها ذلك وأصبحت نسيا منسيا؛ هي اكبر منا حجما وعمرا على الأرض .
وحتي لا نعيش ما عاشته أسلافنا من الكائنات الحية الأخرى (الانقراض) ونشرب مما شربت منه ؛ رغم انها لا تلام فيما حدث لها ، لكون ما حدث ليس من جراء تصرفاتها ؛ عكس ما يمكن ان يحدث لنا وهو نتيجة لعبثنا ، لذا علينا ان نسارع في إيجاد عصر جديد ينهي وبسرعة “عصر الأنثربوسين “؛على ان تكون من اهم سماته الحفاظ على الأرض ومحيطها الحيوي ؛ والتقليل من الانبعاثات والحفاظ على كل ما هو طبيعي والعدالة والمساواة وضبط النمو السكاني والعمراني وهذا التوجه ليس من اجل الأرض ومحيطها ولكن حفاظا على حياة البشر(حياتنا) ولنا ان نقترح لهذا العصر الجغرافي وليس (الجيولوجي) الجديد اسما من الان – قبل ميلاده – الذي نتمناه ان يكون قريبا هو (جرينوسين ) اي عصر الاخضرار او (سيستونيل سين ) عصر الاستدامة ………..اطال الله في اعمارنا واعماركم لنكون من بين سكانه كي نسهم في ازدهاره ووضوح بصماته على كوكب الأرض – بيتنا الكبير الذي لا نملك سواه .